الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.أخبار دبيس مع السلطان سنجر. لما وصل دبيس إلى السلطان سنجر ومعه طغرل أغرباه بالمسترشد والسلطان محمود وأنهما عاصيان عليه وسهلا عليه أمر العراق فسار إلى الري واستدعى السلطان محمودا يختبر طاعته بذلك فبادر للقائه ولما وصل أمر سنجر العساكر فتلقوه وأجلسه معه على سريره وأقام عنده مدة وأوصاه بدبيس أن يعيده إلى بلده ورجع سنجر إلى خراسان منتصف ذي الحجة ورجع محمود إلى همذان ودبيس معه ثم سار إلى بغداد فقدمها في تاسوعاء سنة ثلاث وعشرين واسترضى المسترشد لدبيس فرضى عنه على شريطة أن يوليه غير الحلة فبذل في الموصل مائة ألف دينار وشعر بذلك زنكي فجاء بنفسه إلى السلطان وهجم على الستر متذمما وحمل الهدايا وبذل مائة ألف فأعاده السلطان إلى الموصل وأعاد بهروز شحنة على بغداد وجعلت الحلة لنظره وسار السلطان إلى همذان في جمادى سنة ثلاث وعشرين ثم مرض السلطان فلحق دبيس بالعراق وحشد المسترشد لمدافعته وهرب بهروز من الحلة فدخلها دبيس في رمضان من سنة ثلاث وعشرين وبعث السلطان في أثره الأميرين اللذين ضمناه له وهما كزل والأحمديلي فلما سمع دبيس بهما أرسل إلى المسترشد يستعطفه وتردد الرسل وهو يجمع الأموال والرجال حتى بلغ عسكره عشرة آلاف ووصل الأحمديلي بغداد في شوال وسار في أثر دبيس ثم جاء السلطان إلى العراق فبعث إليه دبيس بالهدايا وبذل الأموال على الرضا فأبى ووصل إلى بغداد ودخل دبيس البرية وقصد البصرة فأخذ ما كان فيها للخليفة والسلطان وجاءت العساكر في اتباعه فدخل البرية انتهى..وفاة السلطان محمود وملك ابنه داود ثم منازعته عمومه واستقلال مسعود. ثم توفي السلطان محمود في شوال من سنة خمس وعشرين لثلاث عشرة سنة من ملكه واتفق وزيره أبو القاسم النشاباذي وأتابكه أقسنقر الأحمديلي على ولاية ابنه داود مكانه وخطب له في جميع بلاد الجبل وأذربيجان ووقعت الفتنة بهمذان ونواحيها ثم سكنت فسار الوزير بأمواله إلى الري ليأمن في إيالة السلطان سنجر ثم إن الملك داود سار في ذي القعدة من سنة خمس وعشرين من همذان إلى ربكان وبعث إلى المسترشد ببغداد في الخطبة وأتاه الخبر بأن عمه مسعودا سار من جرجان إلى تبريز وملكها فسار إليه وحصره في تبريز إلى سلخ المحرم من سنة ست وعشرين ثم اصطلحا وأفرج داود عن تبريز وخرج السلطان مسعود منها واجتمعت عليه العساكر فانتقض وسار إلى همذان وأرسل إلى المسترشد في الخطبة فأجابهم جميعا بأن الخطبة للسلطان سنجر صاحب خراسان ويعين بعده من يراه وبعث إلى سنجر بأن الخطبة للسلطان سنجر صاحب خراسان ويعين بعده من يراه وبعث إلى سنجر بأن الخطبة إنما ينبغي أن تكون لك وحدك فوقع ذلك منه أحسن موقع وكاتب السلطان مسعود عماد الدين زنكي صاحب الموصل فأجابه وسار إليه وانتهى إلى المعشوق وبينما هم في ذلك إذ سار قراجا الساقي صاحب فارس وخوزستان بالملك سلجوق شاه ابن السلطان محمد وكان أتابكه فدخل بغداد في عسكر كبير ونزل دار السلطان واستخلفه المسترشد لنفسه ووصل مسعود إلى عباسة فبرزوا للقائه وجاءهم خبر عماد الدين زنكي فعبر قراجا إلى الجانب الغربي للقائه وواقعه فهزمه وسار منهزما إلى تكريت وبها يومئذ نجم الدين أيوب أبو السلطان صلاح الدين فهيأ له الجسر للعبور وعبر فأمن وسار لوجهه وجاء السلطان مسعود من العباسة للقاء أخيه سلجوق ومن معه مدلا بمكان زنكي وعسكره من ورائهم وبلغه خبر انهزامهم فنكص على عقبه وراسل المسترشد بأن السلطان سنجر وصل إلي وطلب الاتفاق من المسترشد وأخيه سلجوق شاه وقراجا على قتال سنجر على أن يكون العراق للمسترشد يتصرف فيه نوابه والسلطنة لمسعود وسلجوق شاه ولي عهده فأجابوه إلى ذلك وجاء بغداد في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وتعاهدوا على ذلك..واقعة مسعود مع سنجر وهزيمته وسلطنة طغرل. لما توفي السلطان محمود وولي ابنه داود مكانه نكر ذلك عمه السلطان سنجر عليهم وسار إلى بلاد الجبل ومعه طغرل ابن أخيه السلطان محمد كان عنده منذ وصوله مع دبيس فوصل إلى الري ثم إلى همذان وسار السلطان مسعود وأخوه سلجوق وقراجا الساقي أتابك سلجوق للقائه وكان المسترشد قد عاهدهم على الخروج وألزموه ذلك ثم إن السلطان سنجر بعث إلى دبيس وأقطعه الحلة وأمره بالمسير إلى بغداد وبعث إلى عماد الدين زنكي بولاية شحنكية بغداد والسير إليها فبلغ المسترشد خبر مسيرهما فرجع لمدافعتهما وسار السلطان مسعود وأصحابه للقاء السلطان سنجر ونزل استراباذ في مائة ألف من العسكر فخاموا عن لقائه ورجعوا أربع مراحل فاتبعهم سنجر وتراءى الجمعان عند الدينور ثامن رجب فاقتتلوا وعلى ميمنة مسعود قراجا الساقي وكزل وعلى ميسرته برتقش باردار ويوسف حاروس فحمل قراجا الساقي في عشرة آلاف على السلطان سنجر حتى تورط في مصافه فانعطفوا عيله من الجانبين وأخذ أسيرا بعد جراحات وانهزم مسعود وأصحابه وقتل بعضهم وفيهم يومئذ يوسف حاروس وأسر آخرون فيهم قراجا فأحضر عند السلطان سنجر فوبخه ثم أمر بقتله وجاء السلطان مسعود إليه فأكرمه وعاتبه على مخالفته وأعاده أميرا إلى كنجة وولى الملك طغرل ابن أخيه محمدا في السلطنة وجعل وزيره أبا القاسم النشاباذي وزير السلطان محمود وعاد إلى خراسان ووصل نيسابور في عاشر رمضان من سنته وأما الخليفة فرجع إلى بغداد كما قلناه لمدافعة دبيس وزنكي وبلغه الخبر بهزيمة السلطان مسعود فعبر إلى الجانب الغربي وسار إلى العباسية ولقيهما بحصن البرامكة آخر رجب وكان في ميمنته جمال الدولة إقبال وفي ميسرته مطر الخادم فانهزم اقبال لحملة زنكي وحمل الخليفة ومطر على دبيس فانهزم وتبعه زنكي فاستمرت الهزيمة عليهم وافترقوا ومضى دبيس إلى الحلة وكانت بيد إقبال وجاءه.
|